في أعوام مضت، كان الباحث يجد صعوبة كبيرة في الحصول على المعلومة التي تشكل له جانبا معرفيا وثقافيا مهما في أي علم من العلوم الانسانية أو التطبيقية، ويعود ذلك لقلة المصادر وصعوبة الوصول إليها، لتصبح المعلومة التخصصية حكراً على من يدرسها ويقرأ عنها في الكتب المتخصصة، مما كوّن لديهم كثير من العلوم والمعارف التي اتاحت لهم فرص عمل متميزة اصبحوا معها خبراء ومستشارين يبحث عنهم الجميع.

اليوم تطورت التقنية وتعاظمت ثورة الانترنت وانتشرت محركات البحث كـ “غوغل” وغيرها، وتنوعت البرامج والتطبيقات الذكية وكثرت وسائل التواصل الاجتماعي، فأصبح الوصول للمعلومة سهلا جداً وخلال ثوان معدودة يستطيع أي شخص أن يقرأ ويستمع ويشاهد كثيرا من العلوم والمعارف ويكوّن فكرة عامة عن أي موضوع وفي اي وقت، فالتقنية بتفرعاتها كافة مكسب للجميع وفائدة عظيمة استفاد منها العالم بأسره وتحديداً الباحث عن المعلومة والراغب في التعمق المعرفي إذ فتحت له افاقا واسعة وسهلت عليه كثيرا من الدروب، وشخصياً أدين للتقنية بالشيء الكثير فهي سهلت لنا حياتنا ووسعت مداركنا وعمقت لنا المعارف التي درسناها وعملنا في بيئتها فشكلت لنا التقنية الاضافة المعرفية وساعدتنا على تحديث معلوماتنا بشكل مستمر وميسر، ولكن التقنية على الجانب الآخر انتجت لنا بين عشية وضحاها بعض مدعي الخبرة والمعرفة الذين تكونت معارفهم في لمح البصر عبر القراءة لبضع دقائق في محركات البحث فأصبحوا يروجون لأنفسهم كخبراء في اكثر من تخصص ومستشارين لأكثر من جهة وأعضاء في بعض اللجان، ولو نظرنا حولنا وفي كافة المجالات بما فيها المجال الرياضي لوجدنا كثيرين يروجون لأنفسهم كخبراء في كثير من التخصصات والعلوم من دون ان يدرسوا هذه المجالات او يعملوا فيها، لكنهم استغلوا التقنية التي يكفيهم منها قراءة ساعة في أي موضوع عبر محركات البحث لتخلق منهم خبراء ومتخصصين أمام الناس وهذا حق مشروع لهم ولكن ينبغي أن يبتعدوا عن المعلومات المغلوطة التي اصبحوا يمررونها عن جهل دون حسيب أو رقيب.

نحن في زمن اختلط به الحابل بالنابل نحتاج من يضبط الأمر، فمدعي التخصص يجب أن يقدم ما يثبت كلامه من شهادات وخبرات تجيز له التحدث في المواضيع التخصصية والعمل في بيئتها والانضمام للجانها المتخصصة في الاتحادات الرياضية.