كانت اليابان مدمرة بالكامل جراء الحرب العالمية الثانية وما صاحبها من قنابل ذرية استهدفت المدن اليابانية فدمرتها وقضت على نسبة كبيرة من البشر وتحديداً فئة الشباب كما أن اقتصادها انهار تماماً.

فدعت الحكومة اليابانية في عام ١٩٥٠ إلى اجتماع عام حضره القياديون في الحكومة ورؤساء الشركات والمفكرون والمثقفون وأساتذة الجامعات والتربويون والمستشارون، وطرح في الاجتماع ان اليابان بحاجة الى خطة إستراتيجية عامة وشعبية يشترك فيها الجميع لتحقيق هدف الأمة اليابانية الأهم وهو إعادة الحياة والازدهار للاقتصاد الياباني المنهار، واتفقوا على هذا الهدف الطموح وتجزئته إلى أهداف مرحلية متخصصة، وقرروا في ذاك الاجتماع أن يكون هدفهم في الخمسينات الميلادية هو تصدّر العالم في إنتاج النسيج، وبالفعل أصبحت اليابان خلال عقد من الزمن الأولى على مستوى العالم في إنتاج النسيج، وفي عام ١٩٦٠عقدوا اجتماعاً آخر، قرروا فيه أن يكون هدفهم في الستينيات هو أن تكون اليابان الأولى في العالم من حيث إنتاج الفولاذ، وكان هدف صعب تحقيقة لأنهم لا يملكون الموارد الطبيعية ولا الفحم ولا النفط ولا حتى الحديد، وكان عليهم استيراد الموارد الطبيعية ومواد الخام من دول بعيدة وإعادة تصنيعها في اليابان عبر إنشاء مصانع متخصصة لإنتاج فولاذ عالي الجودة، ومن ثم شحنه وتصديره لبيعه في الأسواق العالمية بسعر منافس للجميع، كانت مهمة صعبة وهدفاً شبه مستحيل التحقيق، ولكنهم لم ينظروا لكل هذه المعوقات بل حولوها لتحديات تجاوزوها بعقولهم الخلاقة للأفكار الإبداعية وعشقهم للعمل، وبالفعل استطاعوا تحقيق الهدف في الوقت المحدد، وفي عام ١٩٧٠ عقدوا اجتماعاً ثالثاً، قرروا فيه أن يكون هدفهم في السبعينيات أن تصبح اليابان الدولة الأولى على مستوى العالم في إنتاج السيارات وبالفعل حققوا هدفهم رغم تأخرهم عاماً واحداً عن الوقت المحدد.

في عام ١٩٨٠ عقدوا اجتماعهم الرابع وقرروا أن يكون هدفهم في هذا العقد من الزمن هو أن يصبحوا الأوائل على مستوى العالم في إنتاج الإلكترونيات وأجهزة الكمبيوتر، وبالفعل تسيدوا العالم في الثمانينيات في إنتاج الإلكترونيات وأجهزة الكمبيوتر.

الدرس المستفاد من اليابانيين هو أن تحديد الأهداف بدقة أمر مهم جداً، والأهم أن يكون التنفيذ صارماً ودقيقاً وبإخلاص كبير.