يحكى ان قرية فيها تجار يمارسون تجارتهم في السوق الكبير لديهم، وهؤلاء التجار مستواهم ونشاطهم التجاري متقارب ومتفاوت بدرجات بسيطة، عدا تاجر واحد يسمونه كبير التجار حيث يعتبر كبيرهم والمهيمن الأقوى على السوق من خلال اسمه الذي بناه في السوق طيلة سنوات عدة جعلت الجميع يفضل بضاعته على التجار الآخرين.
وفي يوم من الايام، جاء شخص من قرية مجاورة وسأل كبير التجار عن دخله السنوي فأعطاه رقم تقريبي، فعرض عليه هذا الشخص أن يستأجر منه دكانه واسمه في السوق بمبلغ يتجاوز ضعف دخله السنوي فسال لعاب كبير التجار ووافق على هذا العرض متفقاً معه على مدة خمس سنوات لهذا الايجار.
وبالفعل بدأ هذا الشخص في ممارسة العمل التجاري تحت اسم كبير التجار وكانت البداية جيدة ومميزة حيث زاد الدخل وتوسع نطاق البيع ليشمل القرى المجاورة، كما انتهج هذا الشخص اساليب جديدة في البيع كتوصيل البضاعة للمنازل ليتضاعف الدخل وتزيد الارباح!! مما جعل كبير التجار يطلب زيادة في الايجار بحكم تضاعف الايرادات بشكل كبير حيث يرى ان اسمه المميز وسمعته الكبيرة في السوق هما بزعمه السبب الرئيسي في هذه الارقام الكبيرة، ولكن المستأجر رفض الزيادة وأصر على استمرار بنود الاتفاقية حتى اكتمال المدة.
وفعلاً استمرت الاتفاقية حتى النهاية وبعد النهاية استوعب كبير التجار الدرس وبدأ في ممارسة تجارته بنفسه مستنداً على اسمه وسمعته في السوق واستمر في تحقيق المكاسب، ورغم ما حققته له التجارة من مكاسب كبيرة الا انها مع مرور الوقت ارهقته واتعبته.
ليتنبّه شاب من اهل القرية لهذا الامر ويعرض على كبير التجار فكرة ان يكون مسوقا حصريا له، مع تكفله بجميع المهام البيعية والتسويقية بعيداً عن الاستغلال الذي مارسه المستأجر السابق، ويحصل مقابل ذلك على نسبة بسيطة من الايرادات التي ستذهب لحساب كبير التجار.
هنا اعجب كبير التجار بالفكرة ووقع اتفاقية مع الشاب المسوق مدتها خمس سنوات ليكون مسؤولا عن كل شيء يخص التاجر من بيع وتسويق وغيرها مقابل النسبة التي تم الاتفاق عليها.
وبدأ الشاب عمله بكل جد واجتهاد مما جعل الايرادات تتضاعف وتنهمر الارباح بشكل يفوق الوصف، ومع مرور الوقت طمع هذا الشباب في مزيد من المال فبدأ بزيادة الاسعار وفرض بعض الرسوم على الزبائن الذين بدأوا يتذمرون من تعامل هذا الشاب وجشعه غير المبرر!! واتجهوا لكبير التجار يشتكون عليه من جشع الشاب فطلب التاجر من الشاب اعادة الاسعار لوضعها السابق ولكن الشاب رفض مستنداً على الاتفاقية التي بينهما.
هنا أُسقط في يد كبير التجار وعرف انه كرر نفس الخطأ السابق وحاول ان يجد مخرج من هذا المأزق ولكن الاتفاقية كانت واضحة والمدة محددة بخمس سنوات، مما جعل كبير التجار يعض اصابع الندم ويدك انه سيقضي فترة الاتفاقية بين حسرة واستغلال لأنه لم يتعلم الدرس جيداً!!
خلاصة القصة “التي تمثل واقع انديتنا تسويقياً” هي أن الخطأ وارد ومن لا يخطئ هو من لا يعمل، ولكن تكرار الخطأ غير مقبول فالحياة مدرسة ومن لا يتعلم منها ويكتسب الخبرات والمعارف فهو كمن يضيع وقته في تجارب فاشلة.