في تقريرٍ سابق تحدثنا عن ديون الأندية وعن المقترحات التي قدمها الرئيس العام لرعاية الشباب الامير عبدالله بن مساعد للحد من هذه الديون، حيث اقترح ان الاندية التي تصل ديونها لمبالغ مالية معينة تمنع من تسجيل لاعبين جدد سواء محليين أو اجانب. واستبشر الجميع خيراً بأن هذا المقترح سيحد من الديون المتزايدة وغير المنطقية للأندية.
ولأن انديتنا متورطة في ديون كبيرة وكثيرة محلياً وخارجياً بدأت الرئاسة التفكير جدياً في إيجاد حلول عملية لهذه المعضلة ووجدت ان الموافقة على طلب الاندية بالاقتراض من البنوك قد يكون حلا مساعدا بشرط تنظيم عملية الاقتراض من خلال وضع قيود وشروط على الأندية لضمان صرف المبالغ على تسديد الديون. وكانت البداية عن طريق نادي الاتحاد الذي سُمح له بأخذ قرض بنكي بمبلغ ٥٠ مليون ريال عن طريق وساطة قامت بها إحدى الشركات المسوقة التي تضمن النادي أمام البنك وذلك لتسديد ديونه.
وبعد فترة ليست بالطويلة، لحق النصر والهلال على التوالي بالاتحاد مطالبين الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالسماح لهما بالاقتراض إسوة بنادي الاتحاد، حيث طلب نادي النصر الموافقة على اقتراض مبلغ ٥٠ مليون ريال، فيما طالب الهلال باقتراض ٤٠ مليون ريال.
واضطرت الرئاسة العامة لرعاية الشباب للنظر في هذين الطلبين والموافقة عليهما بشروط معينة وتنظيم واضح ذكر تفاصيلها الامير عبدالله بن مساعد في مؤتمره الصحفي الذي عقد هذا الاسبوع وكان مخصصا للحديث عن قروض الأندية. حيث أعلن رسمياً انه تمت الموافقة على اقراض ناديي الهلال والنصر اللذين تقدما بطلب القروض ٥٠ مليونا للنصر و٤٠ للهلالا، وهذه القروض ستكون على غرار قرض الاتحاد الذي وصفه الامير عبدالله بالتجربة الناجحة بشكل كبير بعد ان تمكنت الادارة من سداد الكثير من الديون المتراكمة.
السبب الرئيسي خلف موافقة الرئاسة العامة لرعاية الشباب على قروض الاندية هو وجود ديون خارجية تتضاعف مع مرور الوقت دون سداد، لذا كان الهدف هو تحويل الديون الخارجية الى ديون داخلية تفادياً لعقوبات قد يفرضها الاتحاد الدولي لكرة القدم على انديتنا كالهبوط وخلافه. إضافة الى ان هذه القروض لن تكون قروضا اضافية لتشكّل عبئا جديدا على الاندية بل ستصرف على تسديد الديون الخارجية وتحويلها لديون داخلية.
والشروط الاساسية للاقتراض كما ذكر الأمير عبدالله في المؤتمر هي أن يقدم النادي اسبابا مقنعة تجعل الرئاسة توافق على القرض كوجود عقوبات دولية على النادي، أيضاً اشترطت الرئاسة على النادي ان يوفر ٢٠٪ تسويات من الديون الحالية ليتم الموافقة على الاقتراض، والشرط الاخير هو انه لا يحق للنادي الاقتراض أكثر من مرة.
وأشار الأمير عبدالله الى ان دور الرئاسة سيتركز فقط على الموافقة على اقتراض الاندية، وليس منح القروض، ولكنها ستظل جهة متابعة للإيفاء بالقرض تجاه المقرض بضمان حقوق الاندية وعوائدها المختلفة. كما ان الصرف سيتركز على انهاء تلك الديون من خلال لجنة ثلاثية مكونة من الرئاسة العامة لرعاية الشباب والنادي المستفيد وكذلك المحامي الذي سيتولى الامور القانونية.
كما اشار الى آلية الصرف ستكون عن طريق حوالات او شيكات لأصحاب المديونات لضمان وصولها لمستحقيها مبيناً ان اللجنة الثلاثية المسؤولة عن الصرف مطالبة بتقديم محاضر عن كل عملية صرف. كما بين ان المبلغ المودع في حساب النادي سيتم الصرف منه عن طريق شخصين مفوضين بالتوقيع كإجراء يسهم في متابعة ورصد عملية الصرف. ولن يصرف القرض على رواتب اللاعبين او إبرام صفقات اخرى.
المتتبع لخطوات تعامل الرئاسة مع ديون الاندية سيدرك جدية الرئاسة في التعامل مع هذه الازمة والسعي لحلها والسيطرة عليها سواءً الديون الحالية التي عملت الرئاسة على الحد من تزايدها بحرمان الاندية من تسجيل لاعبين جدد في حال وصل الدين لرقم معين، او الديون السابقة التي تم مواجهتها بالسماح للاندية بالاقتراض وفق ضوابط محدده. وهذا يعكس أمر ايجابي وهو ان الرئاسة بدأت تعي دورها الرئيس من خلال المراقبة والتوجيه للاندية والحفاظ عليها من الانهيار بسبب الديون، وهذا شيء يبشر بمستقبل جيد للرياضة السعودية.
بخصوص السماح للاندية بالاقتراض فأهم ايجابياته انه سيحمي انديتنا من العقوبات الخارجية التي اشار لها الامير عبدالله في حديثه، والجيد في الموضوع ان تنظيم الاقتراض كان مميزا وواضحا أنه لن يحمّل الاندية أعباء اضافية، ولكن ماذا عن الفوائد أليست عبئا اضافيا؟ لا سيما أن نسبة الفائدة تتجاوز ٢٠٪ وهو أمر غير مسبوق في عالم الاقتراض ويدعو للدهشة والاستغراب لأن الفائدة لوحدها ستشكل ديونا جديدة على الأندية!! ليس ذلك فحسب بل هل ستضمن الرئاسة ان القروض ستكون خالية من الربا؟! مهم جداً تحديد هذا الشيء.
تقديم أسباب مقنعة كوجود عقوبات دولية على النادي، أهم شروط الرئاسة للسماح للنادي بالاقتراض، وهذا شيء جميل جداً وإيجابي لأن وجود الضوابط ووضوح الاجراءات أمران مهمان لنجاح عملية مشروع الاقتراض. ولكن كنا نتمنى ان تكون الآلية أكثر وضوحاً وتفصيلاً لنعرف الاسباب التي يمنح النادي بموجبها القرض، فالعقوبات الدولية ليست سبباً مقنعاً من وجهة نظرنا بل قد تكون حافزا للاندية الاخرى ان تتمرد على الديون الخارجية الحالية وتركز على الصفقات الاخرى لتضمن الحصول على قرض مستقبلي يسدد الديون الخارجية!
الشرط الآخر للحصول على القرض هو توفير ٢٠٪ من الديون بمعنى ان يتفاوض النادي مع صاحب المطالبة المالية ليخفض ٢٠٪ من الدين كي يسدد باقي المبلغ!! شيء جيد ان يتفاوض النادي لتخفيض المطالبة بنسبة ٢٠٪ ولكن غير الجيد ان يكون تحقيق هذه النسبة شرطا أساسيا للإقراض لأن صاحب المطالبة لن يتنازل بسهولة عن حقه الذي يكفله له الاتحاد الدولي ومحكمة الكأس وبالتالي فإن وجود هذا الشرط غير موفق. وإن كان ولا بد من هذا الشرط فالأفضل ان يكافأ النادي الذي يستطيع توفير٢٠٪ بأن يذهب هذا المبلغ لخزينته للتصرّف به كيف يشاء وفق احتياج النادي كحافز له على شطارته في التفاوض وتقليص الدين.
بخصوص الشرط الاخير الذي يمنع النادي من الاقتراض أكثر من مرة، يعتبر شرطا موفقا ويحد فعلاً من تنامي هذه الظاهرة التي طرأت مؤخراً ونتمنى ان تنتهي عند هذا الحد.
الأمر المميز في آلية الحصول على القرض وصرف المبالغ انها تتم تحت مراقبة ومتابعة الرئاسة العامة لرعاية الشباب عن طريق اللجنة الثلاثية التي أُعلن عنها، وعن طريق محاضر رسمية وحوالات بنكية أو شيكات مصدقة باسم صاحب المطالبة وبتوقيع شخصين أحدهما امين صندوق النادي والآخر من الرئاسة العامة لرعاية الشباب.
نختم تقريرنا بسؤالين عريضين يبحثان عن اجابة أولاً الاندية غير المديونة ألا تستحق ان تمنح شيئا يميزها عن الأندية المتورطة؟
ثانياً ألا يكفي البنوك خطاب رسمي من الرئاسة يضمن لهم حقوقهم من خلال مستحقات الأندية الموجود لدى الرئاسة واتحاد الكرة؟! فالبنوك ستكون سعيدة بذلك لأنها ستضمن حقوقها بشكل أكبر، كما ان الأمر سيكون سهلا جداً على الرئاسة واتحاد الكرة بدلاً من الحرج الذي هم فيه الآن من خلال فرض غير مباشر لشركة مسوقة كضامن للديون في موقف لم نجد له تفسيرا أكثر من كونه تقوية ارتباط هذه الشركة بالأندية لأطول فترة ممكنة.!!