المنصب هو مرتبة وظيفية عالية تمنح صاحبها مكانة مرموقة في المجتمع؛ لذا يسعى كثير من البشر للحصول على المناصب، وعندما يحصل الشخص على المنصب نجده يتشبث بهذا المنصب لأطول مدة ممكنة ولا يبعده عن منصبه الا تغييرات عليا او تقاعد محتوم وفي مرات نادرة تكون الاستقالة هي فك الارتباط بين الشخص ومنصبه.
والاستقالة هي ثقافة موجودة بكثرة لدى بعض المجتمعات ويندر حدوثها في مجتمعات اخرى، ولا يقدم عليها الا شخص شجاع وواثق من نفسه، خصوصاً إذا كان سبب الاستقالة قصورا في اداء بعض المهام.
وعندما ننظر لمجتمعنا السعودي وتحديداً الرياضي نجد أن ثقافة الاستقالة تكاد تكون معدومة إلا اذا كانت ستؤدي لمكان افضل، وقتها قد نجد الاستقالات.
من النادر ان يقر أي مسؤول رياضي بالقصور او الخطأ في عمله وأن يقدم استقالته بناء على هذا القصور لأن الاعتراف بالخطأ والاعتذار بالاستقالة ثقافة ليست موجودة لدينا.
ولإثبات هذا الشيء، دعونا نراجع بعض الاحداث التي حدثت في الرياضة السعودية طوال الاعوام الماضية، سنجد رؤساء بعض الاندية يرتكبون كثيرا من الاخطاء بل الكوارث في بعض الاحيان وهذه الاخطاء تتكرر وبالسيناريو ذاته من رئيس النادي ومجلس ادارته من دون اقرار بالخطأ أو تقديم الاستقالة، ونجدهم دائماً يبحثون عن شماعة يعلقون عليها اخطاءهم، لذا نشاهد تغييرا دائما للمدربين واللاعبين والاجهزة الادارية، بينما هم صامدون لاعوام عديدة في مناصبهم.
ولتوسيع الدائرة بشكل اكبر دعونا ننظر ما حل بالمنتخب السعودي من كبوات متتالية وكيف أن كل كبوة تشهد بعض التغييرات التي تطول اللاعبين او الاجهزة الفنية والادارية من دون أن يخرج مسؤول في الاتحاد السعودي لكرة القدم ويقر بخطأ مجلس الادارة في إدارة المنتخب بالشكل الصحيح وانهم فشلوا في هذا الجانب.
على صعيد اللجان في الاتحاد السعودي لكرة القدم، نكاد نشاهد كل يوم أخطاء وكوارث متكررة من لجنتي الحكام والانضباط لتباين قراراتهم من فريق لآخر ولا نعلم أين الخلل هل هو في اللوائح والانظمة او في تطبيقها.
المؤكد أن اخفاق بعض اللجان مستمد من اخفاق منظومة الاتحاد وهيكلها الاداري الذي لم يستطع طوال الاعوام الثلاثة الماضية ان يفرض نفسة ولوائحه وانظمته بالشكل القوي والعادل الذي يجعل الجميع يشعر بالرضى والمساواة في كثير من الاحداث.
فالاخفاق عندما يلازم المنتخب لأربعة اعوام متتالية من دون تحديد مكمن الخلل أو معالجته، وعندما يستمر اخفاق بعض لجان الاتحاد على الرغم من التعديل المستمر في الاعضاء، وعندما يكون هناك تضارب في الصوت الاعلامي للاتحاد بين تصاريح المتحدث الرسمي وتصاريح رؤساء اللجان والبعثات، وعندما يتراشق رئيس لجنة الانضباط مع امين عام الاتحاد اعلامياً، وعندما يعجز الاتحاد عن فرض عقوبات رادعة لكل مخطئ، عندها اطالب المسؤول الأول في الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يظهر للملأ ويبرر لما يحدث بأشياء منطقية ومقنعة او يعترف بفشل مجلس إدارته في معالجة هذه القضايا المهمة والحساسة وأن يبادر مشكوراً مع مجلس ادارته بتقديم استقالاتهم لانها ستحسب لهم، ليس لانهم استقالوا قبل نهاية فترتهم ببضعة اشهر ولكن لأنهم اسسوا لثقافة الاستقالة في رياضتنا السعودية، فهل يفعلون ويصفق لهم الجميع؟