في اولمبياد بكين ٢٠٠٨ تقدمت الصين جدول الترتيب بتحقيقها ٥١ ذهبية من أصل ١٠٠ ميدالية هي حصيلتها في هذا الاولمبياد، واحتلت اميركا المركز الثاني ب ٣٦ ذهبية من أصل ١١٠ ميداليات حققها الاميركان، وهو أمر نادر حدوثه، إذ انهم اعتادوا على مقدمة الترتيب دائماً.
تحدث الصينيون بفخر عن هذا الانجاز ولكنهم في الوقت ذاته تساءلوا عن كرة القدم ولماذا الصين متخلفة في هذه اللعبة على الرغم من الامكانيات الكبيرة التي يمتلكونها سواء مادية او بشرية؟
الصينيون لم يتساءلوا فقط ويلوموا انفسهم ويكثروا من الحلول التنظيرية كما يفعل السعوديون، بل وضعوا استراتيجية واضحة لكرة القدم الصينية بالتعاون مع الاتحاد الاسباني لكرة القدم يقوم الاسبان بموجب هذه الاتفاقية بإرسال مدربين للمدارس في الصين لتعليم الطلاب مهارات كرة القدم، اضافة الى ذلك تستقبل اسبانيا كثيرا من اللاعبين والمدربين الصينيين لعمل معسكرات طويلة يتعلمون من خلالها نظام كرة القدم الاسباني، كما شملت الاستراتيجية توقيع اتفاقيات بين الاتحاد الصيني لكرة القدم مع الاندية الاسبانية كبرشلونة وريال مدريد واتليتكو مدريد وبلباو وذلك بفتح اكاديميات لهذه الاندية في الصين اضافة إلى زيارات ومباريات ودية تخوضها هذه الأندية في الصين لدعم لعبة كرة القدم الصينية والعمل على زيادة شعبيتها.
لم يكتف الصينيون بذلك بل بدأوا وبدعم من الشركات الصينية في استقطاب مدربين ونجوم كبار للأندية الصينية حتى تنافس على الصعيد الآسيوي، وبدأنا مؤخراً نشاهد فرقا صينية قوية ومرعبة كفريق قوانزو الصيني الذي حقق بطولة آسيا الموسم قبل الماضي والآن يتواجدون في نصف نهائي البطولة الاسيوية.
وساهمت بعض الشركات الصينية في هذه الاتفاقيات من خلال دفعها لبعض التكاليف من منطلق المسؤولية الاجتماعية تجاه كرة القدم الصينية وتطورها.
ما تقوم به الصين الآن يذكرنا بما قامت به اليابان في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات الميلادية عندما ارسلت كثيرا من البعثات الرياضية للبرازيل ليتعلموا مهارات كرة القدم ويحتكوا بالبرازيليين، واستقطاب مدربين برازيليين لتدريب النشء الياباني على مهارات واساسيات كرة القدم.
اليابانيون أيضاً عملوا على تجنيس بعض اللاعبين البرازيليين المهرة ليسيروا بخط متوازٍ مع سياستهم العامة وهي صناعة منتخب ياباني قوي للمشاركة في البطولات القارية بفعالية، وكانت النتيجة أن اليابان باتت اليوم احد اقوى ان لم يكن اقوى فرق القارة الاسيوية ورقم لا يستهان به في كرة القدم العالمية.
نعود للصينيين مرة أخرى لأقول وبالفم المليان انتظروهم كروياً فهم قادمون وبقوة وسيكون المنتخب الصيني لكرة القدم رقما صعبا في آسيا، لسبب بسيط جداً هو ان المسؤولين الصينيين وضعوا استراتيجية واضحة وجار تنفيذها بشكل صحيح من دون تنظير او تسويف.
خلاصة القول انه لا يوجد مستحيل وعندما تعمل بشكل صحيح ومنظم ستحقق هدفك لا محالة، المطلوب هو فقط تحديد الهدف ورسم الاستراتيجية المناسبة مع تنفيذ الاستراتيجية بشكل دقيق.